اجتماع لمجلس الشعب وفي الإطار أحمد عزالقاهرة- استخدام رسائل الهواتف المحمولة القصيرة (إس إم إس) في الحملات الانتخابية أو تناقل الأخبار العاجلة والمهمة أمر شائع، إلا أن الحزب الوطني الحاكم في مصر استحدث استخداما آخر لهذه التقنية تحت قبة البرلمان.
فرسائل الـ(إس إم إس) أصبحت الوسيلة الأسرع فاعلية لتنسيق المواقف بين نواب الحزب الحاكم خلال المناقشات المحتدمة مع المعارضة، التي تقودها كتلة الإخوان المسلمين، ولمكافحة ظاهرة غياب نواب الحزب عن الجلسات الساخنة لـ"مجلس الشعب" (الغرفة الأولى للبرلمان)، بحسب مصادر برلمانية.
وكشفت هذه المصادر لإسلام أون لاين.نت أن أحمد عز النائب عن الحزب الوطني وأمين عام التنظيم به يحمل هاتفي محمول مسجلا عليهما أرقام هواتف جميع نواب الوطني ويرسل من خلالهما رسائل استدعاء عاجلة للنواب سواء كانوا داخل البرلمان منشغلين بأمور أخرى غير الجلسات أو خارجه.
ظاهرة غياب النواب
والاستدعاء قد يكون من أجل حشد النواب لإلقاء كلماتهم حتى لا يتركوا الساحة شاغرة أمام نواب المعارضة والمستقلين الذين يوجهون عادة كلمات قاسية للحكومة في وجود وسائل الإعلام المختلفة، أو لحضور التصويت على قضية مطروحة، وفي تلك الحالة تأتي الرسالة مشفوعة بتوضيح موجز لرؤية الحكومة حول تلك القضية وللموقف المطلوب تبنيه.
ورغم انعقاد جلسات البرلمان 4 أيام كل أسبوعين في المتوسط، فإن ظاهرة غياب نواب الحزب الوطني عن حضور الجلسات ظاهرة متأصلة وتمثل مشكلة دائمة لقيادات الحزب، كما أن أغلب النواب الذين يحضرون للبرلمان يكون هدفهم الأساسي المرور على مكاتب الوزراء والمسئولين للحصول على توقيعاتهم لتسهيلات مختلفة أو يجلسون في مقهى البرلمان (البهو الفرعوني) انتظارا لدورهم في الكلام.
ويتسبب الغياب المتكرر لنواب الوطني في مواقف محرجة أحيانا للحزب. يقول مراسل إسلام أون لاين.نت للشؤون البرلمانية بأن أحمد فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب، فوجئ قبل نحو أسبوعين -أثناء مناداته على نواب الحزب الحاكم في إحدى الجلسات للإدلاء برأيهم في بيان الحكومة- بغياب أغلب النواب طالبي الكلمة، بينما تواجد نواب المعارضة وشنوا هجوما حادا على الحكومة، مما أثار غضب الوزراء على نواب الحزب الحاكم.
وبجانب رسائل الاستدعاء، يوجه أحيانا أحمد عز بعض نواب الوطني عبر الرسائل إلى مقاطعة نواب المعارضة في حالة هجومهم بشدة على سياسات الحكومة، بحسب المصادر البرلمانية.
ويقول نائب بالمجلس لإسلام أون لاين.نت -مشترطا عدم الكشف عن هويته- إن اعتماد الحزب الحاكم على رسائل الهاتف المحمول دفع أمانة المجلس إلى وقف العمل بجهاز تم تركيبه منذ 5 سنوات لحجب خدمة الهاتف المحمول خلال الجلسات، وهو الجهاز الذي تستخدمه عادة بعض المساجد الكبرى لمنع التشويش على المصلين.
مداعبات وتهديدات
وقبل اعتماد الـ(إس إم إس) كوسيلة رئيسية للتواصل بين نواب الحزب الحاكم خلال جلسات البرلمان، كانت طريقة استدعاء النواب لحضور الجلسات تتم في الماضي عبر الاتصال الشخصي بين أمين التنظيم في الحزب الوطني وكل نائب على حدة حسب أهمية الطلب الذي يستدعى الشخص من أجله. وكان ذلك الاتصال يتم قبلها بـ24 ساعة في معظم الأحيان، كما يروي الدكتور بدر حلمي عضو مجلس الشعب السابق ومستشار لجنة الصحة بالمجلس حاليا في حديث لـ"إسلام أون لاين.نت".
وأوضح حلمي أنه حتى أمانة مجلس الشعب التي يسيطر عليها الحزب الحاكم، كانت تجري أحيانا اتصالات مع النواب في منازلهم وتطالبهم بحضور جلسات معينة حينما تريد تمرير بعض القوانين التي تلقى معارضة من الأحزاب الأخرى أو لا تحظى بتأييد وسط نواب الأغلبية.
وفي الفترة التي شغل فيها كمال الشاذلي -وزير الشئون البرلمانية السابق- المنصب وهو أحد أبرز قيادات الحزب الحاكم كان يقوم بمداعبة النواب ويمازح آخر بنكته من أجل التأكيد على حضور الجلسات. وفي أوقات التصويت على القرارات والقوانين التي تطرحها الحكومة كان يضطر أحيانا لجذب النائب من ملابسه ويهدده بغضب الحكومة عليه إذا غاب عن الجلسة.
في مواجهة المعارضة
وبدوره اعتبر علي فتح الباب ممثل كتلة الإخوان المسلمين في مجلس الشعب أن اعتماد نواب الحزب الوطني على رسائل المحمول بشكل أساسي بدأ عقب فوز كتلة الإخوان بـ20% من مقاعد البرلمان وتضامن قوى المعارضة الأخرى معهم.
وفي حديث لـ"إسلام أون لاين.نت" أعرب فتح الباب عن اعتقاده بأن "هذه القوة العددية من المعارضة جعلت قيادات الحزب الوطني حريصة على استدعاء نوابها على وجه السرعة كي تستنجد بهم عند التصويت على مشروعات القوانين أو طرح الثقة عن الحكومة بطلب المعارضة".
ويقول فتح الباب: إن "أغلبية القوانين تمرر في مجلس الشعب دون حضور أغلبية النواب إجراءات التصويت"، مشيرا إلى رفض رئيس المجلس مطالب متكررة من المعارضة باتباع أسلوب المناداة على كل نائب أثناء التصويت خوفا من أن يكون نواب المعارضة هم الأغلبية عند التصويت.
وذكر ممثل كتلة الإخوان أن رئيس مجلس الشعب رفض كذلك طلبات متكررة للمعارضة بحصر عدد النواب عند التصويت خاصة في الجلسات المسائية للتيقن من عدد الموافقين والمعارضين؛ وذلك بسبب رغبته في إنقاذ ماء وجه الحكومة.
No comments:
Post a Comment