Saturday, February 17, 2007

دلالات الهجمة على الإخوان في مصر بقلم ياسر الزعاترة


بات واضحاً أن قراراً قد اتّخِذ في المستويات السياسية العليا في مصر باستهداف الإخوان المصريين على نحو مختلف عن المرات السابقة، وما نسمعه كل يوم عن وجبات اعتقال واسعة لكبار المسؤولين في الجماعة على مستوى المحافظات المختلفة يؤكد ذلك. واللافت هنا أن أحداً لم يعد يلتفت إلى ما يجري في الساحة المصرية، أعني من القوى الغربية، وذلك بعد أن انتهت لعبة الإصلاح التي أعلنتها الولايات المتحدة بعد هجمات الحادي عشر من أيلول، فيما تقول الوقائع المختلفة إن أحداً لن يذرف الدموع على جماعة إسلامية ما زالت تتبنى موقفاً مبدئياً مما يجري فلسطين والعراق، فضلاً عن موقفها من الهجمة الأمريكية على المنطقة.لكن هذا التسامح الغربي، والأمريكي على وجه التحديد مع السياسة المصرية الداخلية في مواجهة الإخوان لا يأتي هكذا من دون ثمن؛ إذ يتم الدفع مقابله سياسياً في فلسطين والعراق، وربما السودان أيضاً، فيما لا تبدو الأروقة الرسمية متشددة على هذا الصعيد؛ لأن الهدف الرئيس في هذه المرحلة هو تمرير التوريث بأي ثمن.لا قيمة بالطبع لكل ما يُقال عن سبب الهجمة، مثل حكاية الطلاب الذين تظاهروا في الجامعة ومارسوا أعمالاً استعراضية ذات سمة عنيفة، أو لما يُقال عن المواقف الإخوانية التي تخص الأقباط، فضلاً عن تهديد فوزهم للاقتصاد الوطني، فكل ذلك محض تسويغ، ولو كانت القوة المعارضة التي تحتل مكان الإخوان قومية أو يسارية لما اختلف السلوك الرسمي معها، والنتيجة هي أن الموقف السياسي المعارض هو المستهدف بصرف النظر عن هويته، مع العلم أن قضية التخويف من استلام الإخوان للسلطة ليست ذات قيمة أيضاً، فما بينهم وبين ذلك خرط القتاد.لقد قبل الإخوان في مصر وسواها ديموقراطية الديكور البائسة التي لا تغير في الواقع شيئاً؛ إذ يصرخ المعارضون بينما تفعل السلطة ما تشاء، لكن هذه الأخيرة -وبعدما تعودت الهدوء المطلق- لا تبدو في وارد التسامح حتى مع هذا المستوى من الديموقراطية. مع العلم أن جزءًا من الحملة الأخيرة هو محاولة لثني الجماعة عن التفكير في خوض انتخابات مجلس الشورى في نيسان المقبل، وذلك خوفاً من أن يمنحها ذلك القدرة على التفكير في طرح مرشح رئاسي بعد أعوام طويلة!! يحدث ذلك في ظل أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية بائسة لا تمنح المواطن فرصة للتفاؤل، وهو حين حارب من أجل الوصول إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات الماضية، فإنما كان يعبر عن مستوى الضجر الذي وصل إليه، ومن يراقب حركة الشارع ونكتته السياسية لا بد أن يقتنع بذلك.ما يجري مثير للحزن والقهر؛ إذ ما الذي سيكون بوسع قوى المعارضة أن تفعله في مواجهة واقع من هذا النوع؟ وهل ستمضي في ذات اللعبة القديمة التي تقول: "من صفعك على خدك الأيمن فأدرْ له خدك الأيسر"، بدعوى الحذر من الاستدراج نحو العنف؟ وأين هي المسافة بين العنف الأهلي المرفوض، وبين استخدام الشارع في الضغط من أجل التغيير السلمي؟من العبث أن تعتقد بعض قوى المعارضة أن سلطة ما على الأرض ستمنح معارضتها دوراً وحضوراً من دون تضحيات ومعاناة، والإخوان المصريون بصبرهم وإصرارهم على التغيير وتعبيرهم عن هموم الجماهير لا بد أن يدفعوا الثمن، وهذه الجحافل من القيادات التي تتوافد على السجون دليل على ذلك.نعم، لم يحصل الإخوان على هذه الشعبية بسبب مدّ التدين فحسب، بل أيضاً بالتضحيات والصبر والصمود والتعبير عن هموم الناس. صحيح أن مدّ التدين لا يزال يمنح الجماعة مزيداً من القوة والحضور، لكن ذلك لم يكن ليكفي لولا التضحيات وصواب البوصلة السياسية والفكرية.ما يجري في مصر هو "باروميتر" التغيير في العالم العربي، والإخوان إذ يتصدرون عجلة التغيير هناك، فإنهم يمنحون الحالة الإسلامية مزيداً من القوة، مع فارق بين هذا البلد وذاك، تبعاً لسياسات الإسلاميين فيه.========== الإسلام اليوم

No comments: