Saturday, February 17, 2007

العودة للأصول‏!‏ بقلم الأستاذ سلامة أحمد سلامة




أثار القرار الذي صدر بإحالة بعض المتهمين من قيادات الإخوان المسلمين إلي المحاكمة العسكرية‏,‏ تساؤلات عديدة حول المبررات الحقيقية لهذا القرار‏..‏ وهل هو إيذان بالعودة إلي الأوضاع الاستثنائية التي سبقت مرحلة الإصلاح السياسي والدستوري؟
ونحن لانتطرق هنا إلي مدي صحة الاتهامات المنسوبة لبعضهم, من أنهم يديرون أعمالا تجارية تشكل امبراطورية ضخمة تستغل في غسيل الأموال وتمويل بعض الأنشطة غير المشروعة.. ولكننا نتساءل عن الحكمة في اللجوء إلي القضاء العسكري وحرمان مواطنين مدنيين من المحاكمة أمام قاضيهم الطبيعي, وهي أحد المباديء الأساسية في الدستور وفي أي نظام ديمقراطي. وكان الظن أننا تجاوزنا هذه المرحلة من اللجوء إلي القضاء العسكري للنظر في قضايا ذات طابع سياسي. وهو إجراء لم تتخذه أمريكا أخيرا حتي في محاكمة نزلاء جوانتانامو؟!
ولاجدال في أن هذه التطورات المؤسفة تأتي في لحظة تقاطع سياسي حاد بين الحزب الوطني الحاكم والجماعة, استباقا لما يمكن أن تسفر عنه عمليات الإصلاح ويكشف عن أن حزب الدولة قد حسم خياره في التعامل مع هذه الفئة طبقا لسياسات ثبت فشلها. والذين يستشهدون بأن كل الحكومات السابقة قبل وبعد الثورة انتهجوا هذا الطريق الاستئصالي, أملا في التخلص نهائيا من تيار الإسلام السياسي, إنما يستشهدون علي فشل النظام في مصر وعجزه المستمر عن حل هذه الإشكالية المزمنة التي كانت وستظل عقبة أمام تحقيق الاستقرار السياسي.
غير ان هذا التطور علي وعورته وعنفه لن يفضي بالرغم من ذلك إلا إلي خلق بيئة فكرية سلبية رافضة للمشاركة, نتيجة مناخ الخوف والقمع وانعدام الثقة في أي تقدم للفكر السياسي باختلاف مرجعياته, ليبرالية كانت أو قومية أو إسلامية. وهو مايفسر حالة الهزال اليائسة التي وصلت إليها الأحزاب المصرية, كما يفسر انصراف الأجيال الشابة عن المشاركة والانتماء.
ولهذا السبب لم يكن غريبا ان يتقدم اساتذة جامعة الأزهر ــ13 ألف عضو هيئة تدريس ـ بأعجب طلب من نوعه في تاريخ الجامعات في مصر وربما في العالم, للحصول علي فتوي شرعية بإلغاء الاتحادات الطلابية وانتخاباتها, بعدما شهدته من حالات الشغب.
وبوسع المرء أن يتفهم حالة الهلع التي أصابت أساتذة الجامعات وطلابها بعد أن تعرض زملاء لهم لمتاعب عديدة بسبب الانتخابات.. فمن الذي يريد أن تنتهي به المشاركة في الأنشطة الطلابية مهما اشتطت إلي المثول أمام المحاكم العسكرية؟ بل ومن الذي يريد اصلاحا سياسيا أو ديمقراطية من هذا النوع تصبح أشبه بالسوبر ماركت تشتري منه ما يعجبك وتعرض عما لايعجبك, بدعوي التدرج في الإصلاح؟
إن المبالغة في الخوف من التيار الإسلامي ــ بدلا من مواجهته سياسيا واستيعابه سلميا ـ تكاد تتحول إلي صناعة أمنية تعوق التقدم نحو الديمقراطية, وتولد مزيدا من التطرف الذي يكرس الهيمنة الحزبية ويضعف الثقة في نظام العدالة في مصر.
==========

No comments: