Monday, November 3, 2008

عتريس الصغير......قصدي القصير




والنبي أنا عتريس॥ أنا عتريس। هل تتذكرون هذا الشخص الذي يجري في حواري قرية الدهاشنة في فيلم «شيء من الخوف» صورت له خيالاته، أحلامه المجهضة، طموحه العاجز أنه عتريس زعيم عصابة قرية الدهاشنة، حين أدرك أنه ليس عتريسًا أبدًا، وأنه قاصر قصير عن قامة عتريس الزعيم الحقيقي، اشتعل عقله، ذهب ذهنه، صار يصرخ في كل من يقابله بعنف: أنا عتريس، أنا عتريس، وحين يستخف به الآخرون ولا يأخذون صراخه مأخذ الجد يرق صوته، تضعف قوته، يتراجع عنفه ويقول في لهجة الاستعطاف: والنبي أنا عتريس.لماذا سيطر هذا المشهد علي عقلي عندما تابعت خطاب أحمد عز الدخيلة - أمس الأول - في افتتاح مؤتمر الحزب الوطني؟، هل لأنه اعتقد أنه يخوف المعارضة والمفروض لما شفناه بيزعق ويشخط في عصبية أن ركب المعارضة ومفاصلها سوف تضرب في بعض، وأن اتنين تلاتة علي الأقل من زعامات المعارضة قد يصابون بأزمة قلبية من الرعب نتيجة تبريقة عين عز الدخيلة الذي هددهم وهددنا بأنه سوف يضع السيخ المحمي في صرصور ودننا، إلي هذه الدرجة لم يقدر أحد علي هز كتف أحمد عز الدخيلة كي يصحيه من النوم!يا الله هذه واحدة من أجمل اللحظات التي مر بها الشعب المصري في الفترة الأخيرة، لحظة مشاهدة أحمد عز الدخيلة وهو يحاول أن يكون مهمًا، وهو يتصور أنه خطيب الثورة فيعلن ثورة نوفمبر لمفجرها وصاحبها وحامل أسهمها في البورصة السيد جمال مبارك، ونسي أنه ينسب ثورة للابن ضد والده، وأن فكر سعادته الجديد هو ضد فكر سعادة والد سعادة صديقه القديم، وأن ثورة نوفمبر 2008 للغرابة ترفع نفس شعار ثورة يوليو 1952وهو العدالة الاجتماعية، كأن جمال حسين عبدالناصر لم يقدر عليها فجاء القوي الجبار اللي يتغدي بالولعة ويتعشي بالنار جمال حسني مبارك ليحقق لنا العدالة الاجتماعية بتوزيع كرتونة فقر علي كل مواطن في رمضان وأخذها منه في شوال وهذه فعلا هي العدالة الاجتماعية، كان منظر أحمد عز الدخيلة يدعو فعلاً لتأمل الممثل الذي يصر علي أنه موهوب ويقرر القيام بدور هتلر في الفيلم فيفجر الضحك بين الناس، صوت عز لا يليق بالحديد الذي يبيعه، مخارج ألفاظه مداخل، قامة عز لا تتماشي مع الطول الذي يتكلم به، إذا أراد أحد أن ينتقم من أحمد عز الدخيلة فما كان أن يفعل به مثلما فعل بنفسه بخطابه التاريخي في مؤتمر الحزب الوطني، فهو خطاب آية في غياب الذكاء السياسي، وتحفة في الهرتلة الفكرية، وتشخيص طبي عبقري لمرض الفصام السياسي الذي يعاني صاحبه من فقد الصلة بالواقع وافتقاد الصفة مع الواقع، خطاب من شخص يتصور عن نفسه ما ليس فيه ويتصور أننا أكثر بلاهة مما يعتقد وسنتصور ما يتصوره عن نفسه!ما فعله وقاله فأبكانا وأضحكنا تعبير عن حزب بيتقدم بينا، ولسنا نحن الذي نتقدم به، فهو يتقدم بنا نحو أقرب داهية خصوصًا عندما تري هذه الشخصيات الطيبة التي وقفت أمام الرئيس مبارك في خطابه بالمؤتمر، تهتف وتمتدح في بلاغة عفا عليها الزمن وبطريقة ممجوجة ومخجلة في مشهد منزوع من القرون الوسطي حيث يقف الرعية أمام السلطان فيمتدحونه ويبايعونه وينافقونه، هذه المدائح النفاقية بهذه الطريقة البلدية في هذا المؤتمر المعتبر لا يمكن أن تشهدها في أحزاب ديمقراطية محترمة، في بلد ديمقراطي محترم، لكن يبدو أن هذا هو فعلاً الفكر الجديد الذي قاده مفجر ثورة نوفمبر، وأقل واجب من رجال ثورة نوفمبر أن يحيُّوا رجل حرب أكتوبر، وكلنا عارفين أن نوفمبر دائمًا يأتي بعد أكتوبر ما يخلص!

عيسى

No comments: