بدأت مجموعة من الشباب العربي علي المواقع الإلكترونية تنظيم حملة "آلو.. سنقصف تل أبيب" ردا علي قيام مجموعة من المستوطنين اليهود بالاتصال بأهل غزة لإدخال الرعب علي بيوتهم قائلين: "اخرجوا من البيت الآن لأنه سيقصف" كنوع من التخويف لأهالي غزة.وقال الشباب في حملتهم: "لابد أن نجعل هؤلاء الصهاينة يشعرون بما يشعر به إخواننا هناك حتي لو بالكلمة". وكتب الشباب الكود الدولي لإسرائيل وعدداً من الأرقام العشوائية الأخري في أشدود وعسقلان، بالإضافة إلي أرقام إسرائيلية أخري من بينها رقم فندق تل أبيب، كما كتب الشباب جملاً عبرية بحروف عربية كي يستطيع أن ينطقها المتصل هي: "اخرجوا من بيوتكم الآن، سوف نهاجم بيوتكم" وجملاً أخري مثل: "شاهدنا إرهابيا ـ بحسب التسمية الإسرائيلية ـ بجوار بيتك أو "توجد سيارة مفخخة بجوار بيتك".
Wednesday, December 31, 2008
Monday, December 29, 2008
مصـر تثور لغزة
تجمع أكثر من عشرون ألف أمام نقابة الصحفيين بالقاهرة في تمام الساعة الثانية عشر ظهرا منددين بالهجوم الوحشي الإسرائيلي على غزة وغلق معبر رفح من جانب النظام المصري الذي وصفوه بالعمالة
وردد المشاركين الهتافات المعادية لإسرائيل " يا فلسطينى يا فلسطينى دمك دمى .. ودينك دينى " ، " يا أقصانا يا حبيب شمسك عنا مش هتغيب " ، " يا زهار قول لهنية أوعى تسيب البندقية " ، " بالروح بالدم نفديكى يا فلسطين" وغيرها من العبارات الحماسية .
وعبر المتحدثين في كلماتهم عن غضبهم من الموقف المصري الرسمي وإستمرار فعالياتهم غداأمام دار الحكمة بعد صلاة المغرب
وعبر المتحدثين في كلماتهم عن غضبهم من الموقف المصري الرسمي وإستمرار فعالياتهم غداأمام دار الحكمة بعد صلاة المغرب
عدسة متخافشي
Sunday, December 28, 2008
Wednesday, December 24, 2008
Thursday, December 18, 2008
بين الأسكندرية وأثيـنا .... لا تسأل
بين الأسكندرية وأثينا لا تسأل
صبياً في الخامسة عشر من عمره قتل برصاصة لرجال الشرطة في أثينا فقام الشعب والأحزاب كلها ولم تقعد في تظاهرات وإشتباكات لهذا الحدث الجلل في الدول المتقدمة.
منذ أكثر من خمسة عشر يوما وحتى الآن , أعلن إضراب عام في العاصمة, حتى العاملين في المواني والمطارات تعاطفوا وأضربو عن العمل كأنهم يد واحدة لآخذ الثأر لهذا الصبي ومطالبين بإستقالة الحكومة.
قد يمر عليك الحدث بإستغراب كيف هذا ولمن كل هذه الشبورة, لأنك تشاهد وتلاحظ أنه خبر عادي أصبح قتل مواطن في وطنك والتمثيل به أسهل من الفرخة الا مش لاقينها يحدث بصورة يومية في بلدك شرقا وغربا وطولاًً وعرضاً.
كان اليونانيون يأتون إلى مصر في أوائل القرن الماضي بحثا عن عمل وعن العيش في بلد يملك ثقافة وتاريخ ألا وهو بلدك أيها المواطن المحترم , يعملون سائقون وبائعون بمحلات صغيرة, وفنادق صغيرة بالأسكندرية وغيرها فلا يستطيعون أن يسنسوا إسكندرية وهي بالتالي لم تنساهم فقد كانوا شريحة من شرائح الشعب السكندري, ولكن بعد فترة إختار اليونانيون طريق الديمقراطية والحرية ونحن بدأنا نسلك طريق آخر طبعا عكس ما أختارو فعادو إلى بلادهم فكا ن هذا حالنا وحالهم.
في الاسكندرية( العصافرة) بالتحديد قام ضباط بالاستيلاء على التوك توك والتحفظ عليه وحاول سائقه منع ضباط الشرطة من التحفظ على التوك توك ولكنه فشل فقام بسكب كمية من الكيروسين على ملابسه وعلى التوك توك وأشعل النيران وتم نقله الى المستشفى بين الحياة والموت فقام عدد من الاهالى الموجودين فى الشارع وسائقى التوك توك بالتظاهر مؤكدين أن الضابط هو من ألقى السيجارة على الشاب .
بل إن ضابط شرطة قام بإحراق شاب في الواحات البحرية، وفي كل مرة يتم «احتواء» الحادث إما من خلال اللعب في التحقيقات وإثبات أن القتيل هو المخطئ، أو من خلال الوساطات والضغوط الأمنية التي تجبر أهل المجني عليه علي التنازل والتصالح، وحين تكون المسألة مستعصية علي الاحتواء بسبب تظاهر الأهالي واحتجاجهم ونشر الخبر في بعض الصحف مثلاً، فإن الضابط المسئول عن القتل يلقي القبض عليه ويُقدم إلي المحاكمة، التي كثيراً ما تبرئه، وفي حالات نادرة للغاية تصدر ضده حكماً مخففاً ليودع بعد ذلك أحد معسكرات الأمن المركزي، ليطلق سراحه بعد حين في هدوء، بعد انقضاء نصف المدة في الأغلب، بموازاة ذلك فإن الإعلام الأمني عندنا يقوم بدور مهم في تمرير المسألة علي الرأي العام، فمندوبو الداخلية في الصحف القومية جاهزون لأداء «الواجب» في هذا الصدد، وبعد الاحتواء ينتهي الأمر بجريمة القتل أن تتحول إلي فقرة في تقارير منظمات حقوق الإنسان، تعطي انطباعاً زائفاً بأن المجتمع المدني قام بما عليه.
الفرق إن إسكندرية لم تعد إسكندرية زمان وأثينا اليوم لم تعد أثينا زمان
Wednesday, December 17, 2008
أم أسامة.......هي مصر
الحياة مع الألم
"أسامة الدناصوري"، مرشدنا إلى عالم المرضى الحقيقي، سوف يأخذ بأيدينا خطوة بعد خطوة ويعلمنا كيف نشعر بالمريض ونشكر الله على نعمة العافية..
كان مستعدا للتنازل عن الدنيا كلها مقابل أن يتبول دون ألم.. بدأت قصته مع المرض منذ ولادته.. كان عمره خمسة عشر يوما حينما لاحظت أمه بكاءه المتصل، يصرخ حتى يزرقَّ لونه ثم يكف البكاء مع انسياب البول منه.. تم تشخيص الحالة مثانة عصبية، وعلى الرغم من حبسها البول فإنها كانت ترتخي أثناء النوم، الوضع ببساطة احتباس بول بالنهار وتبوّل لا إرادي بالليل.
كان الحل الأمثل هو قطع الصمام تماما وإحداث سلس دائم للبول، تجنبا لخطر الفشل الكلوي القادم بسبب ارتجاع البول للكليتين وتدميرهما تدريجيا.. لكنه رفض هذا الحل.. فليأت الفشل الكلوي وقتما يأتي لكني لن أعيش بسلس البول يوما واحدا.
بالتدريج فرض عليه التبول اللاإرادي طقوسا سرية لم يتهاون يوما في أدائها: لا يماطل إذا شعر برغبة في التبول.. بضغط بأصابعه على المثانة ويحزق حتى يطرح عنه أكبر قدر يستطيعه، يدخل دورة المياه قبل الحصة وقبل الطابور وقبل السينما وقبل السفر وقبل المحاضرة وقبل الندوة وقبل زيارة الغرباء وقبل النوم.. يفرش مشمعا على السرير ويتعلم ألا ينام باستغراق.. أمامه أمران كلاهما مر: إما أن يبلل ثيابه أو يرتجع البول إلى كليته فيتلفها.
وبرغم هذه الاحتياطات فكثيرا ما كانت تفاجئه بقعة صغيرة على البنطلون تتسع باستمرار.. هذه هي النار التي نضجت عليها مراهقته وصباه.. لا يذكر كم من المرات دخل المستشفى، أو تردد على جراحي المسالك البولية دون بصيص من أمل.. الكل حفظ وجهه: الأطباء والممرضات والمرضى أنفسهم، وفي أعقاب كل نوبة ارتجاع يثبتون القسطرة حتى تطرح الصديد العالق..
مع المراهقة بدأت الغرائز الغامضة تدب في أوصاله مسببة له عذابا جهنميا يحاول بكل وسيلة أن يتجنبه.. من أجله تعلم كيف يمارس رياضة روحية أشبه باليوجا ويركز طاقته الخفية كي تهدأ رغبته ويرتخي.
بداية النهاية
25/ 2/ 1995 تاريخ لن ينساه أبدا، فاصل بين عهدين، انتهت علاقته بعده بأطباء المسالك البولية، تلك التي دامت عشرين عاما، لتبدأ علاقته بعالم الغسيل الكلوي.
"الكرياتينين".. ذلك المؤشر الذي لا يكذب، ارتفع بصورة مفاجئة.. هذا يعني أن كابوس الفشل الكلوي قد تحقق، وبرغم أنه كان يعلم –طيلة عشرين عاما- أنه قادم لا محالة، إلا أنه فوجئ كمن سمع حكما بإعدامه أو حبسه تحت الأرض باقي حياته.. راح يجوب الشوارع ممتلئا بالبكاء ورثاء النفس.. كان زرع الكلى في الحسبان لولا أن المثانة هي أصل الداء، ولذلك يجب استئصالها وزرع مثانة صناعية، بجزء من القولون، عبارة عن كيس لتجميع البول، يوضع في تجويف البطن ويتم تفريغه كل فترة عبر أنبوب يخرج من الجنب كحنفية.
استبشع الفكرة وفضَّل غسيل الكلى، لسنوات قادمة تردد على كل مراكز غسيل الكلى في أنحاء القاهرة.. يخلع حذاءه.. يزن الكيلوجرامات الزائدة التي سيتم سحبها أثناء الغسيل ليعود لوزنه الطبيعي.. يستمع إلى هدير الماكينات العملاقة، تتدلى منها خراطيم بلاستيكية شفافة.. تومض الماكينات بألوان حمراء وصفراء وخضراء، يشاهد دمه المتسرب عبر الفلاتر والخراطيم ليتم تصفيته من جديد، تلك طقوس حياته التي يجب أن يتحملها.
قبلها خضع لإجراء عملية وصل بين الشريان والوريد.. يفتح الجراح ذراعه، ويبحث عن الشريان حتى يجده ثم يبرزه على السطح ويقوم بخياطته في الوريد فيصبح الوريد شريانا يتدفق فيه الدم قويا آتيا من القلب مباشرة.. بذلك فقط يمكن إتمام الغسيل الكلوي، وإذا توقفت توقف الغسيل.
عمليته الأولى ظلت صالحة ثماني سنوات ثم كفت عن الحياة كمصير كل حي.. صار الوريد متليفا كالحبل، ولم يعد يسمع الصوت الأليف كلما وضعه على أذنه بعدها أجرى عملية في ذراعه الأيسر غسل بها شهرين ثم توقفت الوصلة، فانتقل إلى الذراع الأيمن، ثم عاد إلى الذراع الأيسر حتى استنفد كل الأماكن الصالحة في جسده، ولم يبق إلا زراعة وريد صناعي.
هشاشة العظام كانت حتمية، تلك الزائرة السمجة التي تهبط على الشيوخ في أرذل العمر ولا تفارقهم حتى تدخلهم القبر، أصابته في السادسة والأربعين فراح يتساءل: لماذا لم يعد يرى مريضا أقدم منه يغسل كليته، وهل أصابتهم الهشاشة قبل موتهم أم أن حظهم البائس لم يسعدهم ليجربوها مثله؟!.
معذرة.. لقد أصيب جهازك السمعي بعطب دائم بسبب إفراطك في تناول المضادات الحيوية ولا سبيل لإصلاحه، هكذا أخبره الطبيب في بساطة قبل أن ينتقل إلى فحص المريض التالي.. الأمر بسيط جدا يا سيدي ولا يجب أن تنزعج، فقط رتب حياتك من جديد.. اقترب من الممرضة حين تنادي الأسماء وإلا فلن تسمع اسمك وستبقى منتظرا إلى الأبد.. أطفئ كل الأجهزة حولك، حتى قابس الثلاجة انزعه إذا أردت أن تسمع جرس الباب، أنظر من العين السحرية من آن لآخر وغالبا ستجد صديقك واقفا أمام الباب، يدق الجرس من نصف ساعة.
آه ياأم أسامة
الوجه ينتفخ، والوصلة متوقفة ولا أمل في إصلاحها.. الأوردة الرئيسية مسدودة، والنهاية محتومة.. يراها "أسامة" ويراها أصدقاؤه، وتراها أمه قبل الجميع.. لكن موته لا يشغل بالها بقدر هذا الشيء:
- أنت مش حتريحني يا "أسامة" وأشوفك بتصلي!!
- يا بني أنت عاوز تتعذب دنيا وآخرة!!
- يا بني أنت تعذبت كتير في حياتك يا حبيبي، عاوز تدخل النار!!
- طب وعذاب القبر يا بني!!
ويقول أسامة متلطفا:
- أنا باصلي يا ماما، بس مش بانتظام، وربنا عالم وشايف كل حاجة.
تسمع ماما كلامه ولا يبدو أنها اقتنعت.. لذلك تنظر إليه في رعب وتقول:
- قل لي يا "أسامة"، أنت مؤمن بربنا والإسلام؟.. مؤمن إن فيه جنة ونار، أنت إيه يا بني قول لي!!
- إيه الكلام ده يا ماما؟ يا خبر!!، طبعا مؤمن.. ومؤمن جدّا كمان.
وفجأة حدث الشيء الذي لم يتصور "أسامة" إمكانية حدوثه قط، هكذا يحكي لنا في كتابه، كان جالسا على الكنبة، وأمه إلى جواره.. وفجأة انحنت.. انكبت على قدمه وقبلتها!!..
(أمي قبَّلت قدمي!!)
(أمي قبَّلت قدمي!!)
(أمي قبَّلت قدمي!!)
للحظات ظل عاجزا عن تصديق ما حدث وأصابه الهلع والارتباك.. قالت متوسلة:
- يا بني يا حبيبي، مش هاتصلي بقى وتطمني عليك قبل ما أموت!.
تقصد طبعاً (قبل ما تموت)، هي خائفة -حد الرعب- أن يذهب إلى الجحيم.. كان مريضا، يعاني من فقر الدم، لا يستطيع الحركة بدون دوار، ضربات قلبه سريعة تدوي في رأسه كالطبول.. لكنه تحامل على نفسه، توضأ وافترش الأرض، وراح يصلي أمامها بالضبط غير قادر على الانحناء والركوع.. لكنه كان سعيدا لأنها راضية..
وينتهي الكتاب.. وينتهي "أسامة"، ولا ينتهي الشجن.. مات الجسد وذهب الألم وبقى الأجر إن شاء الله.. وتظل القبلة الغالية أسمى تعبير ممكن عن الحب، وأرقى نوع عرفناه من مشاعر الحنان..
آواه يا أم "أسامة".. يا عبير الأمهات ورحمة الله الغالية، أبكيتنا وأوجعتنا، وأشعرتنا بحقارة اهتماماتنا الصغيرة.. الآن أفهم لماذا يصورون مصر في صورة امرأة!!.. الآن أعرف أن اسمها "أم أسامة"!!.
"أسامة الدناصوري"، مرشدنا إلى عالم المرضى الحقيقي، سوف يأخذ بأيدينا خطوة بعد خطوة ويعلمنا كيف نشعر بالمريض ونشكر الله على نعمة العافية..
كان مستعدا للتنازل عن الدنيا كلها مقابل أن يتبول دون ألم.. بدأت قصته مع المرض منذ ولادته.. كان عمره خمسة عشر يوما حينما لاحظت أمه بكاءه المتصل، يصرخ حتى يزرقَّ لونه ثم يكف البكاء مع انسياب البول منه.. تم تشخيص الحالة مثانة عصبية، وعلى الرغم من حبسها البول فإنها كانت ترتخي أثناء النوم، الوضع ببساطة احتباس بول بالنهار وتبوّل لا إرادي بالليل.
كان الحل الأمثل هو قطع الصمام تماما وإحداث سلس دائم للبول، تجنبا لخطر الفشل الكلوي القادم بسبب ارتجاع البول للكليتين وتدميرهما تدريجيا.. لكنه رفض هذا الحل.. فليأت الفشل الكلوي وقتما يأتي لكني لن أعيش بسلس البول يوما واحدا.
بالتدريج فرض عليه التبول اللاإرادي طقوسا سرية لم يتهاون يوما في أدائها: لا يماطل إذا شعر برغبة في التبول.. بضغط بأصابعه على المثانة ويحزق حتى يطرح عنه أكبر قدر يستطيعه، يدخل دورة المياه قبل الحصة وقبل الطابور وقبل السينما وقبل السفر وقبل المحاضرة وقبل الندوة وقبل زيارة الغرباء وقبل النوم.. يفرش مشمعا على السرير ويتعلم ألا ينام باستغراق.. أمامه أمران كلاهما مر: إما أن يبلل ثيابه أو يرتجع البول إلى كليته فيتلفها.
وبرغم هذه الاحتياطات فكثيرا ما كانت تفاجئه بقعة صغيرة على البنطلون تتسع باستمرار.. هذه هي النار التي نضجت عليها مراهقته وصباه.. لا يذكر كم من المرات دخل المستشفى، أو تردد على جراحي المسالك البولية دون بصيص من أمل.. الكل حفظ وجهه: الأطباء والممرضات والمرضى أنفسهم، وفي أعقاب كل نوبة ارتجاع يثبتون القسطرة حتى تطرح الصديد العالق..
مع المراهقة بدأت الغرائز الغامضة تدب في أوصاله مسببة له عذابا جهنميا يحاول بكل وسيلة أن يتجنبه.. من أجله تعلم كيف يمارس رياضة روحية أشبه باليوجا ويركز طاقته الخفية كي تهدأ رغبته ويرتخي.
بداية النهاية
25/ 2/ 1995 تاريخ لن ينساه أبدا، فاصل بين عهدين، انتهت علاقته بعده بأطباء المسالك البولية، تلك التي دامت عشرين عاما، لتبدأ علاقته بعالم الغسيل الكلوي.
"الكرياتينين".. ذلك المؤشر الذي لا يكذب، ارتفع بصورة مفاجئة.. هذا يعني أن كابوس الفشل الكلوي قد تحقق، وبرغم أنه كان يعلم –طيلة عشرين عاما- أنه قادم لا محالة، إلا أنه فوجئ كمن سمع حكما بإعدامه أو حبسه تحت الأرض باقي حياته.. راح يجوب الشوارع ممتلئا بالبكاء ورثاء النفس.. كان زرع الكلى في الحسبان لولا أن المثانة هي أصل الداء، ولذلك يجب استئصالها وزرع مثانة صناعية، بجزء من القولون، عبارة عن كيس لتجميع البول، يوضع في تجويف البطن ويتم تفريغه كل فترة عبر أنبوب يخرج من الجنب كحنفية.
استبشع الفكرة وفضَّل غسيل الكلى، لسنوات قادمة تردد على كل مراكز غسيل الكلى في أنحاء القاهرة.. يخلع حذاءه.. يزن الكيلوجرامات الزائدة التي سيتم سحبها أثناء الغسيل ليعود لوزنه الطبيعي.. يستمع إلى هدير الماكينات العملاقة، تتدلى منها خراطيم بلاستيكية شفافة.. تومض الماكينات بألوان حمراء وصفراء وخضراء، يشاهد دمه المتسرب عبر الفلاتر والخراطيم ليتم تصفيته من جديد، تلك طقوس حياته التي يجب أن يتحملها.
قبلها خضع لإجراء عملية وصل بين الشريان والوريد.. يفتح الجراح ذراعه، ويبحث عن الشريان حتى يجده ثم يبرزه على السطح ويقوم بخياطته في الوريد فيصبح الوريد شريانا يتدفق فيه الدم قويا آتيا من القلب مباشرة.. بذلك فقط يمكن إتمام الغسيل الكلوي، وإذا توقفت توقف الغسيل.
عمليته الأولى ظلت صالحة ثماني سنوات ثم كفت عن الحياة كمصير كل حي.. صار الوريد متليفا كالحبل، ولم يعد يسمع الصوت الأليف كلما وضعه على أذنه بعدها أجرى عملية في ذراعه الأيسر غسل بها شهرين ثم توقفت الوصلة، فانتقل إلى الذراع الأيمن، ثم عاد إلى الذراع الأيسر حتى استنفد كل الأماكن الصالحة في جسده، ولم يبق إلا زراعة وريد صناعي.
هشاشة العظام كانت حتمية، تلك الزائرة السمجة التي تهبط على الشيوخ في أرذل العمر ولا تفارقهم حتى تدخلهم القبر، أصابته في السادسة والأربعين فراح يتساءل: لماذا لم يعد يرى مريضا أقدم منه يغسل كليته، وهل أصابتهم الهشاشة قبل موتهم أم أن حظهم البائس لم يسعدهم ليجربوها مثله؟!.
معذرة.. لقد أصيب جهازك السمعي بعطب دائم بسبب إفراطك في تناول المضادات الحيوية ولا سبيل لإصلاحه، هكذا أخبره الطبيب في بساطة قبل أن ينتقل إلى فحص المريض التالي.. الأمر بسيط جدا يا سيدي ولا يجب أن تنزعج، فقط رتب حياتك من جديد.. اقترب من الممرضة حين تنادي الأسماء وإلا فلن تسمع اسمك وستبقى منتظرا إلى الأبد.. أطفئ كل الأجهزة حولك، حتى قابس الثلاجة انزعه إذا أردت أن تسمع جرس الباب، أنظر من العين السحرية من آن لآخر وغالبا ستجد صديقك واقفا أمام الباب، يدق الجرس من نصف ساعة.
آه ياأم أسامة
الوجه ينتفخ، والوصلة متوقفة ولا أمل في إصلاحها.. الأوردة الرئيسية مسدودة، والنهاية محتومة.. يراها "أسامة" ويراها أصدقاؤه، وتراها أمه قبل الجميع.. لكن موته لا يشغل بالها بقدر هذا الشيء:
- أنت مش حتريحني يا "أسامة" وأشوفك بتصلي!!
- يا بني أنت عاوز تتعذب دنيا وآخرة!!
- يا بني أنت تعذبت كتير في حياتك يا حبيبي، عاوز تدخل النار!!
- طب وعذاب القبر يا بني!!
ويقول أسامة متلطفا:
- أنا باصلي يا ماما، بس مش بانتظام، وربنا عالم وشايف كل حاجة.
تسمع ماما كلامه ولا يبدو أنها اقتنعت.. لذلك تنظر إليه في رعب وتقول:
- قل لي يا "أسامة"، أنت مؤمن بربنا والإسلام؟.. مؤمن إن فيه جنة ونار، أنت إيه يا بني قول لي!!
- إيه الكلام ده يا ماما؟ يا خبر!!، طبعا مؤمن.. ومؤمن جدّا كمان.
وفجأة حدث الشيء الذي لم يتصور "أسامة" إمكانية حدوثه قط، هكذا يحكي لنا في كتابه، كان جالسا على الكنبة، وأمه إلى جواره.. وفجأة انحنت.. انكبت على قدمه وقبلتها!!..
(أمي قبَّلت قدمي!!)
(أمي قبَّلت قدمي!!)
(أمي قبَّلت قدمي!!)
للحظات ظل عاجزا عن تصديق ما حدث وأصابه الهلع والارتباك.. قالت متوسلة:
- يا بني يا حبيبي، مش هاتصلي بقى وتطمني عليك قبل ما أموت!.
تقصد طبعاً (قبل ما تموت)، هي خائفة -حد الرعب- أن يذهب إلى الجحيم.. كان مريضا، يعاني من فقر الدم، لا يستطيع الحركة بدون دوار، ضربات قلبه سريعة تدوي في رأسه كالطبول.. لكنه تحامل على نفسه، توضأ وافترش الأرض، وراح يصلي أمامها بالضبط غير قادر على الانحناء والركوع.. لكنه كان سعيدا لأنها راضية..
وينتهي الكتاب.. وينتهي "أسامة"، ولا ينتهي الشجن.. مات الجسد وذهب الألم وبقى الأجر إن شاء الله.. وتظل القبلة الغالية أسمى تعبير ممكن عن الحب، وأرقى نوع عرفناه من مشاعر الحنان..
آواه يا أم "أسامة".. يا عبير الأمهات ورحمة الله الغالية، أبكيتنا وأوجعتنا، وأشعرتنا بحقارة اهتماماتنا الصغيرة.. الآن أفهم لماذا يصورون مصر في صورة امرأة!!.. الآن أعرف أن اسمها "أم أسامة"!!.
Tuesday, December 9, 2008
البحث عن أنــــا من جديد
لم يعد بوسعي أن أكابر أكثر ، لم أقترب يوما من تمني الموت كما اقتربت هذه الأيام ..أحزان كقطع الليل المظلم ، بعضها في أثر بعض ، كسحب سوداء مكفهرة . وهموم تنبح وتعض ، تشدني من كمي ، وتمزق سروالي ، وتعقرني .
ثقب أوسع من أي رتق ، ومصائب لا تأتي فرادى ، أهونها في حجم الفيل ، بلا بهجة ولا زلومة ، يطأني في تؤدة ، ثم يعيد وطأي ، غير حافل بعظامي التي تتكسر ..
وأنا في أوهن حالاتي - وقد انقطعت أسباب الأرض ، وانطفأت مصابيحي - أحاول البحث عن سند ، وأعيد ترتيب أوراقي ، أتأمل الحياة وما بعد الحياة ، وأفكر في هذا الكون الغامض ، محاولا العثور على مكاني فيه ، وأناقش مع نفسي معنى السعادة ، ومعنى التعاسة ، والفوز والخسارة ، والبهجة والجراح ، مستميتا في الحصول على إجابات ترضيني ، كي أقطف ثمرة الرضا من شوك السخط ، وأستخلص السكينة من قلب النار فقط أنا الذي وحدي معي أحاول .
ثقب أوسع من أي رتق ، ومصائب لا تأتي فرادى ، أهونها في حجم الفيل ، بلا بهجة ولا زلومة ، يطأني في تؤدة ، ثم يعيد وطأي ، غير حافل بعظامي التي تتكسر ..
وأنا في أوهن حالاتي - وقد انقطعت أسباب الأرض ، وانطفأت مصابيحي - أحاول البحث عن سند ، وأعيد ترتيب أوراقي ، أتأمل الحياة وما بعد الحياة ، وأفكر في هذا الكون الغامض ، محاولا العثور على مكاني فيه ، وأناقش مع نفسي معنى السعادة ، ومعنى التعاسة ، والفوز والخسارة ، والبهجة والجراح ، مستميتا في الحصول على إجابات ترضيني ، كي أقطف ثمرة الرضا من شوك السخط ، وأستخلص السكينة من قلب النار فقط أنا الذي وحدي معي أحاول .
Saturday, December 6, 2008
Friday, December 5, 2008
Thursday, December 4, 2008
إعتقالات بالجملة للإخوان المسلمين بالمحافظات...... لمشاركتهم في فاعليات لرفع الحصار عن غزة
كتب: نادر عزام
شنت أجهزة الأمن منذ صباح اليوم، الخميس، حملة اعتقالات واسعة فى صفوف أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بمختلف المحافظات
وقالت مصادر داخل الجماعة إن الأمن اعتقل 60 من الإخوان فى كل من محافظة الإسكندرية، الشرقية، الإسماعيلية، والغربيةوأوضحت المصادر أن سبب اعتقال هؤلاء المجموعة هو مشاركتهم فى وقفات احتجاجية لرفع الحصار المفروض على قطاع غزة، وأشارت إلى أن السلطات وجهت لهؤلاء المجموعة تهمة الانضمام إلى جماعة محظورة، وعقد اجتماعات تنظيمية بهدف استقطاب عناصر طلابية وشبابية للانضمام إليهم والترويج لأفكارهم।وقد تمت مداهمة منازلهم فجر أمس، الأربعاء فى إطار حملة تقوم بها أجهزة الأمن، وتم إحالتهم للنيابة لمباشرة التحقيقات. يذكر أن عدد المقبوض عليهم فى محافظة الشرقية 13، والإسماعيلية 20، والغربية 13، والإسكندرية 14.
حتى الآن
Monday, December 1, 2008
قراصنة طيبون
كتبها: نـادر عـزام
محمد علي صومالي الجنسية حاصل على ليسانس الهندسة بجامعة بغداد أكمل دراسته في تركيا , عمل بأمريكا ثم سافر لكندا وحصل على الجنسية الكندية .
يقول محمد أن القراصنة المعروفين هذه الأيام الذين يسيطرون على ناقلات البترول وبواخر السفن والبضائع هم من أهله وعشيرتة من قبيلة بونت هكذا كان يتحدث بلغة عربية بفصاحة وطلاقةوهو متعاطف معهم بشدة وهذا حال كل الصوماليين ولا يطلقون عليهم هذا المصطلح ( القراصنة) لأنهم يعرفون حقيقة هؤلاء.
ومن المعروف أن القراصنة التى نسمع عنهم في الأفلام الأمريكية والحواديت والمغامرات هم أهل قوة وقلب ميت وأجسام عريضة وأسنان مكسورة وعين مفقوعة, ليس مثل هؤلاء الصوماليين بأجسامهم الضعيفة والهزيله والوجوة الشاحبه والتى يعتقد البعض عند إقترابهم من هذه السفن ماهم إلا منتظرين لمنحهم غذاء ودواء من منظمة الأمم المتحدة وليس طلبي فدية ومحتجزي ناقلات عملاقة.
فيكف يستطيعون بهذة الإمكانية البسيطة السيطرةوالتحكم.
يرد محمد
الشجاعة يا سيدي!
يملكون الشجاعة التي تغلب كل قوة وتقهر كل قوي
لقد كانت تأتي هذة الشحن الأجنبية لترمي مخلفاتها قرب السواحل الصومالية بدون رقيب ولا حسيب ويصطادون في مياهنا الإقليمة ليسرقوا رزق الصيادين الصوماليين من القبائل الموجودة قرب السواحل غير مستمعين لتوسلنا وندائتنا
والعالم كله يعرف ولا يتحرك ولم نسمع كل هذا الكلام الذي نسمعه اليوم فأين كانوا كل هذا الوقت.
بهذه الأجسام النحيفه والأسلحة البدائية يسيطرون على سفن لدول عظمى لتكشف هشاشة هذة الدول الغربية المتسلطة والمتكبرة.
بدأت التجارة تنتعش والشباب يتزوجوا ويشتروا بيوتاً وأدوية وموبيلات وبالتالي إزدات القرصنة وإنتعشت وتطورت, هؤلاء الفقراء لم يلتفت لهم أبداً.
هؤلاء تركهم العالم للحروب الأهلية ونهب القوى الإستعمارية العظمى, آلاف الأطفال ماتو ا جوعا ومرضى بدون طعام ولا دواء يموتون هزالاً وفقرا وسط فرح دولي وعالمي.
محمد علي صومالي الجنسية حاصل على ليسانس الهندسة بجامعة بغداد أكمل دراسته في تركيا , عمل بأمريكا ثم سافر لكندا وحصل على الجنسية الكندية .
يقول محمد أن القراصنة المعروفين هذه الأيام الذين يسيطرون على ناقلات البترول وبواخر السفن والبضائع هم من أهله وعشيرتة من قبيلة بونت هكذا كان يتحدث بلغة عربية بفصاحة وطلاقةوهو متعاطف معهم بشدة وهذا حال كل الصوماليين ولا يطلقون عليهم هذا المصطلح ( القراصنة) لأنهم يعرفون حقيقة هؤلاء.
ومن المعروف أن القراصنة التى نسمع عنهم في الأفلام الأمريكية والحواديت والمغامرات هم أهل قوة وقلب ميت وأجسام عريضة وأسنان مكسورة وعين مفقوعة, ليس مثل هؤلاء الصوماليين بأجسامهم الضعيفة والهزيله والوجوة الشاحبه والتى يعتقد البعض عند إقترابهم من هذه السفن ماهم إلا منتظرين لمنحهم غذاء ودواء من منظمة الأمم المتحدة وليس طلبي فدية ومحتجزي ناقلات عملاقة.
فيكف يستطيعون بهذة الإمكانية البسيطة السيطرةوالتحكم.
يرد محمد
الشجاعة يا سيدي!
يملكون الشجاعة التي تغلب كل قوة وتقهر كل قوي
لقد كانت تأتي هذة الشحن الأجنبية لترمي مخلفاتها قرب السواحل الصومالية بدون رقيب ولا حسيب ويصطادون في مياهنا الإقليمة ليسرقوا رزق الصيادين الصوماليين من القبائل الموجودة قرب السواحل غير مستمعين لتوسلنا وندائتنا
والعالم كله يعرف ولا يتحرك ولم نسمع كل هذا الكلام الذي نسمعه اليوم فأين كانوا كل هذا الوقت.
بهذه الأجسام النحيفه والأسلحة البدائية يسيطرون على سفن لدول عظمى لتكشف هشاشة هذة الدول الغربية المتسلطة والمتكبرة.
بدأت التجارة تنتعش والشباب يتزوجوا ويشتروا بيوتاً وأدوية وموبيلات وبالتالي إزدات القرصنة وإنتعشت وتطورت, هؤلاء الفقراء لم يلتفت لهم أبداً.
هؤلاء تركهم العالم للحروب الأهلية ونهب القوى الإستعمارية العظمى, آلاف الأطفال ماتو ا جوعا ومرضى بدون طعام ولا دواء يموتون هزالاً وفقرا وسط فرح دولي وعالمي.
Subscribe to:
Posts (Atom)