يبدو أن الدكتور رفعت السعيد ترك منصبه كرئيس لحزب التجمع التقدمي الوحدوي، وأعطى نفسه منحة تفرُّغ للعمل "عفريت علبة" عند النظام، فهو جاهز دائمًا، ومستعدٌّ لتوصيل الطلبات إلى الفضائيات والندوات والمؤتمرات.. متى أراد النظام ذلك.
ونظرًا لأن شعار المرحلة كما هو واضحٌ "امسك إخواني"، ونظرًا لأن النظام يَعتبر الإخوان هم سبب الكوارث والنكبات والأزمات التي يعيشها المجتمع المصري خلال الربع قرن الأخير- الإخوان هم السبب وليس النظام"!!"- وهم سببُ نهب رجال الأعمال أموال البنوك، وهروب المستثمرين، وسبب غرق العبَّارات، وأكياس الدم الملوثة، وانتشار الخضروات المسبِّبة للسرطان، ومياه الشرب الملوّثة والسحابة السوداء، وأنفلونزا الطيور، وسفَّاح المعادي، وحصول مصر على "زيرو" في التنافس على تنظيم كأس العالم.. نظرًا لكل هذا فقد رأى النظام توظيف "عفريت العلبة" ضد الخطر الداهم الذي هو الإخوان.
والرجل كما قلت جاهزٌ وتحت الطلب، في أي وقت وأي مكان، على الفضائيات.. ماشي، داخل مجلس الشعب.. شغال، في مجلس الشورى المعيَّن فيه.. موافق، ندوة، مؤتمر، حلقة نقاش.. جاهز في جميع الأحوال؛ لينطلق من علبته في وجْه الإخوان، مردِّدًا الاسطوانة المشروخة عن التأسلم والمتأسلمين.. إلخ، والمخاطر التي تنتظر الجنس البشري لو أسَّس الإخوان حزبًا سياسيَّا، والكوارث الطبيعية التي سوف تجتاح المنطقة العربية لو لم تبادر أنظمتُها الحاكمةُ بقمع الإخوان وضربهم ضربةَ نظام واحد حتى يتفرَّق دمهم بين الأقطار!!
في الحلقة الأخيرة من برنامج (اليوم السابع) للإعلامي محمود سعد على فضائية "إم بي سي".. كان المشاهدون- وأنا واحد منهم- في انتظار مداخلة هاتفية للمفكر الإسلامي التونسي راشد الغنوشي للحديث عن حركة الإخوان المسلمين، فإذا بـ"عفريت العلبة" يخرج علينا من سماعة التليفون- بدلاً من الغنوشي- وهات يا "هرتلة" مردِّدًا نفسَ الاسطوانة المشروخة التي ملَّ الناس من سماعها مئات المرات، حتى إن الدكتور عصام العريان أكثر الذين تصدَّوا لمزاعم عفريت العلبة بدا عليه أنه "قرف" من الردِّ على هذه الأضاليل.
إنني أنصح الدكتور السعيد لنفسه أن يخلع ثوب "عفريت العلبة" ليلعب دوره الأساسي في الحزب؛ الذي تحوَّل الى "خرابة سياسية "فتراجَع الحزب المعارض سابقًا عن الحياة السياسية وعن الشارع المصري، وكانت النتائج التي حققها أو بمعنى أدق الخسائر التي مُني بها الحزب في الانتخابات الأخيرة خيرَ دليل على أن "التجمُّع" يحتاج إلى معجزة لإعادة بعثه للحياة من جديد، بينما رئيسُه تفرَّغ ليكون لعبةً في يد السلطة، لو ضغطت على أي جزء في جسده يصفق ويصيح "إخوااان.. إخوااان"، على بطنه "إخوااان"، على ظهره "إخوااان"!!
أقول للدكتور رفعت السعيد نصيحةَ مشفقٍ على حزب التجمع كأحد أهم الأحزاب المصرية في السبعينيات: ليتك تتخلَّى عن دور "عفريت العلبة" الذي ارتضيته لنفسك.. اترك دور العفريت وانصرِف.. انصرِف بسلام.. انصرِف للانشغال بمشاكل التجمُّع وهمومه.
No comments:
Post a Comment