الإخوان والديمقراطية
على الإخوان أن يغيروا خطابهم الإعلامي لأنه بحاله هذا موجه للصف الداخلي أكثر من الخارج, وليكن أكثر حرفية للتعبير عنهم ,ويقتربوا أكثرمن عقلية المواطن والرأي العام وألا يتركوا غيرهم ليعبروا عنهم
أيا كانت طبيعة الأزمة التنظيمية التي عصفت مؤخرا بجماعة الإخوان المسلمين، فإن جانبا منها كان بالغ الأهمية، وهو الشق الخاص بـ"تداول السلطة" داخل التنظيم.
من حق الجماعة أن تشعر بالسعادة بالطريقة التي جرت بها ـ ولأول مرة ـ عملية التداول، إذ جاءت بعيدة عن "السياق" السياسي العام في مصر، ابتداء من أعلى سلطة رسمية في البلاد وانتهاء بالأحزاب الكبيرة والصغيرة على السواء.
لأول مرة في مصر، يتخلى مسئول سياسي كبير عن منصبه طواعية، ليخلي مكانه لمسئول جديد وتجربة جديدة وهو لا يزال على قيد الحياة، بل كان مدهشا أن يظهر المسئول السابق في مؤتمر صحفي ليعلن بنفسه عن اسم "خلفه" والذي اختير وفق قواعد وتقاليد ولوائح ارتضتها الجماعة أيا كانت المآخذ عليها.
ما حدث في جماعة الإخوان المسلمين يوم أمس 16 يناير 2010 من المفترض أنه سيضع الجميع "نظاما" و"معارضة" في موقف بالغ الحرج.. من المفترض أن يدفع الأحزاب العلمانية التي تتهم الإسلاميين عموما والإخوان خصوصا بعدواتهم لـ"الحداثة السياسية" نحو اجراء مراجعات تعيد إليها جزءا من وهجها السياسي عندما كانت "تثرثر" في هذا الإطار باعتبارها "البديل المدني" لمواجهة "الدولة الدينية" المفترضة والتي يمثلها الإخوان المسلمون
من العجيب أن هذا التغيير جاء بواسطة الحركة الإسلامية التي يُتخوف منها على التنوير والدولة المدنية، والتحول إلى نظام ديني يعادي الحريات وتداول السلطة ويكفر الديمقراطية.
فزاعة النظام دائما أن الإخوان إذا تسلموا السلطة فلن يتركونها للتداول ولن تكون هناك ديمقراطية على الاطلاق. لكنهم نجحوا خلال أقل من شهر واحد في اختبارين بالغي الأهمية، الأول عندما لم تنجح شخصيتان شهيرتان هما الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح والدكتور محمد حبيب، ومن ثم جاءت إرادة الناخب فوق الأسماء، والثاني انتخاب الدكتور محمد بديع مرشدا ثامنا للجماعة في حياة المرشد السابع محمد مهدي عاكف الذي سيتمتع من الآن وصاعدا بلقب المرشد السابق.
No comments:
Post a Comment